بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو رد فضيلتكم على بعض طلبة العلم الذين يقولون بإباحة العادة السرية وقولهم أنه لم يرد في تحريمها دليل من الكتاب والسنة وأن الإمام أحمد أجازها بحجة أنها ضرر على الجسد يجب إخراجه وأنها تعتبر من الأشياء التي سكت عنها الشرع رحمة بالعباد ، فهل يوجد دليل صحيح قوي صريح في تحريمها في السنن وحيث أن الأحاديث الواردة في تحريمها ضعيفة حديث ( الذي يأتي يوم القيامة ويده حبلى ) .
الحمد لله وبعد : يجب أن نعلم أن الاجتماع والدليل يكون بالكتاب والسنة فإذا جاء الدليل يجب علينا أن نسلم وكذلك عند التنازع يجب الرد إلى الكتاب والسنة قال تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ... ) وقوله تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ....) .
وقوله تعالى:( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ....) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد دخل النار ) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . وأخرج الإمام مسلم قوله صلى الله عليه وسلم " تركتم فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي " أو كمال قال صلى الله عليه وسلم .
إذا تقرر هذا فالمسألة وردت في تحريمها أدلة كثيرة من الكتاب والسنة وهما المرجع عند الاختلاف :
قال تعالى في سورة المؤمنون : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فألئك هم العادون ) ومثلها في سورة المعارج ، فمن ابتغى وراء ما بينته الآيات فأولئك هم العادون أي – المتجاوزون باليد لحدود الله المنتقلون عن الحلال إلى الحرام وما ذكر عن الاستمناء وإخراج المني باليد ، قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسير هذه الآيات 3/330 أي والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط لا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم أو ما ملكت أيمانهم من السراري ومن تعاطي ما أحله الله فلا لوم عليه ولا حرج ولهذا قال " فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك أي غير الأزواج والإماء فأولئك هم العادون أي المعتدون . وقال رحمه الله : وقد استدل الإمام الشافعي رحمه الله ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة " والذين هم ..... " قال فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين ولهذا قال تعالى " فمن ابتغى وراء ذلك فألئك هم العادون " أ . هـ
وأما الأدلة من السنة النبوية فكثيرة جداً تدل على تحريمها وعدم توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إليها كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – الذي أخرجه البخاري ، يقول عبد الله بن مسعود كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شبابا لا نجد شيئا فقال لنا الرسول صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ووجه دلالة الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يدلهم على الاستمناء حتى يخرج هذا الماء وإنما دلهم على الصوم فإنه يقطع الشهوة .
وكذلك الأحاديث التي نهى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاختصاء ومعلوم أن الحامل لهم على ذلك قلة ذات اليد فلو كان ذلك الأمر جائزاً لوجههم إليه لأن العرب كانت تعرف الاستمناء ويسمونه جلد عميرة ولهذا يقول شاعرهم :
إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا عار ولا حرج
كذلك أحاديث المتعة أيضا يستدل بها على تحريم الاستمناء لأنه رخص صلى الله عليه وسلم فيها ثم نهى عنها زمن خيبر وما دلهم على الاستمناء يدل ذلك .
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم " إذا رأى أحدكم امرأة فليأت أهله فإنه يرد ما في نفسه " فذلك توجيهه صلى الله عليه وسلم ، فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدل دلالة واضحة لمن أراد إبصار الحق والأخذ به والتمسك والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا بقول فلان أو فلان فالأمر واضح جلي أمامه كالشمس في رابعة النهار ، وأما صاحب الهوى والشيطان فمهما سقت له من أدلة فلا يرى إلا رأيه وهواه وهو الذي اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ، نسأل الله السلامة والعافية . فهل بعد هذا البيان بيان ، وأما قول من يقول أنه لم يرد في تحريمها نص من كتاب أو سنة فهذا ختم الله على فيه وجعل على بصره غشاوة نسأل الله العافية ، ثم اعلم أن لهذه العادة السيئة المحرمة أضرار صحية خطيرة قد ذكرها الأطباء سواء في أعضاء الجسم أو نفسية حتى قال بعضهم أنه يؤدي إلى الجنون ، والله أعلم .
كتبه
ابراهيم بن أحمد ظفراني