بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله r
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعماكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) أما بعد :
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ، ومن أفضل تلك النعم أننا نعيش في دولة التوحيد وتحت راية التوحيد وتحت ولاية من يأمر بالتوحيد وتحث عليه ، وترسل العلماء لبيانه ونشره وصرف الأموال الطائلة على ذلك ، ويجعلون المنهج السلفي منهجا لهم ويحثون عليه ويأمرون به ويقيمون للعلماء شأنهم ويعرفون لهم حقوقهم وقدرهم . ومن تلك النعم أيضا : هذا الأمن والاستقرار ، نأمن على ديننا ونأمن على محارمنا ونأمن في طرقنا وفي سفرنا وفي بيوتنا وفي مساجدنا . هذه نعمة عظيمة تحتاج إلى شكر . قال تعالى : ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) .
أيها المؤمنون : إن هذه الدولة دولة سلفية ودعوتها سلفية كما نص على ذلك المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله - ، كما نقله عنه صاحب كتاب المصحف والسيف ص 134 في خطابه الذي ألقاه – رحمه الله – في منى يوم العاشر من شهر ذي الحجة لعام 1365هـ ، خلال موسم حج ذلك العام . قال – رحمه الله – وكأنه ينظر إلى واقع الأمة والواقع الذي نحن فيه ، هكذا هم علماء السلف يعرفون الواقع ويدركون ما فيه من أخطار ، يقول – رحمه الله - : " وخير ما أنصح المسلمين أن يتمسكوا بدينهم ففيه العروة الوثقى التي لا انفصام لها ولوا اتبع المسلمون أوامر دينهم لفازوا بكل أسباب النجاح والسعادة ولكن مع الأسف الشديد فقد دبت في المسلمين عناصر غريبة عن دينهم كانت سببا في انحلالهم وتأخرهم ووصولهم إلى ما صاروا إليه . فيجب أن نتعلم من العلوم ما ينفعنا وفي مقدمتها معرفة كلمة التوحيد وهي كلمة الاخلاص وكلمة السعادة ويجب أن نعرفها ونعمل بها لأنها كلمة جامعة لخير الدنيا والآخرة " إلى أن يقول – رحمه الله – " إنني رجل سلفي وعقيدتي هي السلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة " إلى آخر كلامه رحمه الله .
أيها المؤمنون : بالأمس القريب تبنى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي عهد هذه الدولة المباركة ، صاحب السلفية ورافعة لواءها وداعية إليها ، رعى – حفظه الله – ( ندوة السلفية منهج شرعي ومطلب وطني ) ، وألقى فيها كلمته التي تبين منهج هذه الدولة من عهد المؤسس والمنهج الذي يسير عليه أبناؤه – رحم الله من مات وحفظ الله من بقي ووفقه لطاعته . يقول في كلمته : " كما تعلمون فإن السلفية الحقة هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله r وهي بذلك تخرج عن كل ما ألصق بها من تهم أو تبناه بعض أدعياء اتباع المنهج السلفي وحسب ما هو معروف فإن هذه الدولة المباركة قامت على المنهج السلفي السوي ... " . ثم يقول – حفظه الله – " إخواني الكرام إننا نؤكد لكم على أن هذه الدولة ستظل بإذن الله متبعة للمنهج السلفي القويم ولن تحيد عنه ولن تتنازل " إلى آخر كلامه حفظه الله ، في بيان منهج الدولة وبيان المنهج السلفي .
أيها المؤمنون ما هو المنهج السلفي التي قامت عليه هذه الدولة ؟
فالسلفية هي منهج من سبق فالسلف الصالح الذي تنسب إليه السلفية هم ورثة النبي r من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم باحسان وأئمة الدين والهدى . والسلفي هو من رضي بهذا الميراث واكتفى به ولزم الكتاب والسنة على فهم علماء الأمة من الصحابة فمن بعدهم من الأئمة ، هذا هو السلفي . فالسلفية نسبة إلى السلف ، وقد جاء في أحاديث الرسول r ما يدل على ذلك ، فمن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه في قوله r لابنته فاطمة – رضي الله عنها – " نعم السلف أنا لك " . فالسلف هم الرسول r وأصحابه ومن سار على نهجهم . والسلفيون هم أتباع الرسول r والصحابة والأئمة ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم ، ولهذا قال r عندما ذكر الفرقة الناجية المنصورة ، قال : " مثل ما أنا عليه وأصحابي " ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) . وقال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .
فالسلفية دين الله ومنهج الرسول r ليست حزبا ولا مذهب ولا جماعة ، بل هي الدين الحق الذي يسير على منهج الكتاب والسنة وفهم الصحابة والتابعين . فالله سبحانه أرسل الرسول r بالقرآن والسنة والدعوة إلى التوحيد وترك الشرك إلى الناس عامة ، ليست إلى قوم دون قوم ولكن إلى الناس عامة إلى أن تقوم الساعة ، في شمال الأرض وجنوبها وإلى شرقها وغربها وإلى وسطها ، فالكل لا بد من الأخذ من الكتاب والسنة . والعلم بهما لا يختلف من بلد دون بلد العلم واحد ، بل إنك تجد السلفيين المتبعين للكتاب والسنة كلامهم واحد وأدلتهم واحدة ، فلا فرق . وأما دعوى أن لكل بلد علماء يعرفون واقعهم فهذه دعوى باطلة لأن الوحي واحد في كل مكان والرسول r يقول : " ما من أحد من الأنبياء إلا وأوتي ما على مثله آمن البشر ألا وإنما أوتيته وحيا وأرجوا أن أكون أكثرهم تابعا " ويقول r " مثل ما أنا عليه وأصحابي " فكل من حاد عن هذا فهو ضال مبتدع لأنه ترك طريق الحق طريق السلف منهج الرسول r وما هو عليه وأصحابه . فالأمة الإسلامية أمة واحدة ، فربها واحد وقبلتها واحدة ، قال تعالى : ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) ، وقال تعالى : ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا بديننا وأن يوفقنا لطاعته ، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم على نبينا محمد r ، أما بعد :
سبق أن بينا أن المذهب السلفي هو اتباع ما جاء به الرسول r ، ونقله وفهمه أصحابه والتابعون والأئمة من بعدهم – رضي الله عنهم ورحمهم - . فمن منهجهم رضي الله عنهم ورحمهم طاعة الإمام وعدم الخروج عليه بالقول أو الفعل لأن الخروج يكون بالقول وهو إيغار صدور العامة على ولي الأمر والكلام عليه . ومن منهجهم لزوم جماعة المسلمين ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ، وكذلك قوله r فيما أخرجه البخاري ومسلم من طريق أبي هريرة – رضي الله عنه – " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني " وحديث أبي ذر – رضي الله عنه – الذي أخرجه مسلم أنه قال : " أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف " .
وحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – الذي أخرجه البخاري ومسلم أن الرسول r قال : " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية " .
وكذلك الحديث أن الرسول r قال : " ألا من ولي عليه وال فرآه ياتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة " أخرجه مسلم في صحيحه ، وحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول r : " عيك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك " أخرجه مسلم .
وكذلك الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن الرسول r قال : " إنها ستكون أثرة وأمور تنكرونها ، قالوا يا رسول الله : كيف تأمرنا من أدرك منا ذلك ، قال : " تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم " . يعني تؤدون حق الامام عليكم السمع والطاعة ، وأما حقوقكم فتسألون الله هو الذي يرزق ويعطي ، ولهذا قال الرسول r : " إنما أنا قاسم والله هو المعطي " أخرجه البخاري في صحيحه .
هذا منهج السلف في الأخذ بالنصوص والسير على منهج الرسول r ولهذا أجمع السلف على عدم الخروج على الامام مهما كان ، ولهذا رحمهم الله في الفتنة يأخذون ما أتى عن الرسول r " إمسكوا أحلاس بيوتكم " . يعني اجلسوا في بيوتكم ولا تخرجوا . ونحن من هذا المنبر العظيم نناشد الناس في كل مكان داخل هذه الدولة المباركة أو خارجها من الدول الإسلامية ، ونقول لهم خذوا بقول الرسول r لأنكم تدعون حبه واتباعه . وامسكوا بيوتكم ولا تخرجوا في الفتنة . ووالله سوف تنتهي هذه الفتن ولن تراق قطرة دم ولن تنتهك حرمات ولا تسلب الأموال .
أيها المؤمنون : إذا ضاع الأمن ضاع كل شيء ، تصور أخي المؤمن تأتي إلى بيتكم فتجد من يفعل بأهلك الفاحشة وما تستطيع أن تعمل شيء ، ماذا تقول ؟ وأول كلمة تقول : يا ناس ! أين الحكومة ؟ أين الدولة ؟
أقول أنت الذي كنت السبب في هذه الفوضى . وهناك ناس يسمون خوارج القعدة هم الذين يحثون الناس على الخروج بكلامهم وخطبهم ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، ولهذا يقول الرسول r : " من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه " أخرجه مسلم . فيجب على الامام إذا خرج أحد يريد أن يفرق الجمع ، على الامام قتله وعلى الناس مساعدة الامام والوقوف معه . اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرنا من كل سوء ، هذا وصلوا وسلموا .
كتبه
ابراهيم بن أحمد ظفراني