بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
اعلم - رحمك الله - أن الله خلقنا ورزقنا وربانا وطلب منا العبادة ، قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون *إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ).
والعبادة لا بد فيها من الإخلاص لقوله تعالى : ( ألا لله الدين الخالص ....) الآية . وقوله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ،،،، ) الآية .
والمتابعة وهي متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه . يعني مردود على صاحبه كائناً من كان ، وهذا مقتضى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، إذ معنى لا إله إلا الله - لا معبود بحق إلا الله - وأما معنى شهادة أن محمدأ رسول الله - فهي طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع - ، فلا بد أن يعرف المسلم الأوامر والنواهي والأخبار حتى يفعل الأوامر بقدر الاستطاعة ويجتنب النواهي بالكلية وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم فانتهوا " أو كمال قال صلى الله عليه وسلم . وأن يعرف الشرع حتى يعبد الله على بصيرة ، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم : من توضأ نحو وضوئي هذا ..... " هذا في الوضوء ، وأما الصلاة فيقول صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي " وأما في الحج فيقول صلى الله عليه وسلم : " خذوا عني مناسككم " وهذا هو تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله .
ثم اعلموا أن حب الرسول صلى الله عليه وسلم ليس ادعاء ولا عاطفة بل حب الرسول صلى الله عليه وسلم بالإتباع ولا يكون الإتباع إلا بمعرفة أقواله وأفعاله وتقريراته وهذا لا يكون إلا بدراسة كتب الحديث التي جمعت ذلك بداية بالصحيحين ثم السنن ثم المسانيد . ومن حبه صلى الله عليه وسلم : ألا يقدم قول على قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ... ) الآية . وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي .... ) الآية . ومع هذا التقرير لهذا الأمر الذي قد جهله بعض الناس يتبين أن ما ينادى به اليوم من التعاطف لما حدث لجناب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإساءة والاستهزاء والانتصار له بالمقاطعة أمر يرده فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فلا يخفى على الجميع ما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم مع بداية دعوته وأثناءها من إساءة إليه بالقول والفعل ومع هذا عاملهم وخالطهم وجلب الجبن من النصارى ، وعامل اليهود على خيبر ، ومات ودرعه مرهون لدى يهودي في دين من شعير ، ودعاه يهودي إلى إهالة سنخة وخبز شعير فأجاب ، إلى غير ذلك من المعاملة ، فلم يعلم في تاريخ الإسلام من المقاطعة التي ينادى بها هذه الأيام . فإن كان لا بد منها فهذا يرجع إلى ولي الأمر إذا رأى مثل ذلك . أما المقاطعات الداخلية فالمتضرر الأول والأخير هو صاحب البقالة الذي في متجره بعض الأغراض فيتضرر بعدم شرائها منه ، أما الدنمرك فليس عليها ضرر من المقاطعة الداخلية ، فالانتصار للرسول صلى الله عليه وسلم هو بإظهار أقواله وأفعاله وتقريراته علماً وعملاً ودعوة لا بد من العمل ولا فائدة في غير هذا ، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين "
فلا بد أن يكون أحب إلينا وذلك بالعمل بما جاء به ، ولهذا يقول تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .. ) وهذه الآية كما يقول العلماء أنها آية الامتحان . فمن ادعى حب الرسول صلى الله عليه وسلم قيل له ما إثبات حبك له ؟ هل عرفت ما جاء به فتتبعه ؟ وهل حرصت على معرفة أقواله وأفعاله وتقريراته والعمل بذلك ؟!! ، أما الادعاء والعاطفة فهذا ليس بحب .
نسأل الله لنا ولكم السلامة والإعانة والتوفيق وأن يرزقنا حب رسولنا صلى الله عليه وسلم والعمل بما جاء به ، والله أعلم .
كتبه
إبراهيم بن أحمد ظفراني
8/3/1429 هـ