تأليف
محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
ومعه
وكتبه
إبراهيم بن أحمد ظفراني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى آله الميامين وبعد ...
فإنه وصل السؤال المطلوب جوابه بالاستدلال لا بأقوال الرجال إذ قد عرف السائل المذهب وما عليه الجمهور من تحريم الجمع بين الزوجة وعمتها وخالتها من الرضاع لتحريم الجمع بينهما وبينها في النسب.
فأقول: إنه يحتاج الجواب إلى بسط المقال على المسألة و ما ورد فيها من الاستدلال من الكتاب العزيز والسنة النبوية فإن النصوص القرآنية والسنية قد أوضحت ما يحرم على النكاح من النساء وبينتاهُ بياناً شافياً وما عدا ما دلت عليه النصوص على تحريمه الأصل فيه الحل وقد ذكر الله للتحريم ثلاث جهات:ـ
الأولى : التحريم بالنسب فعين عز وجل سبعاً في قوله{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُـكُمْ} ...........إلـى قوله {وَبَنَاتُ الأُخْتِ}فـهـؤلاء سبـع مـحرمات من النـسب.
الثانية: المحرم بالرضاعة وقد نص على اثنتين فيمن يحرم بالرضاعة فقال{ وَأُمَّهَاتُكُمُ الـلاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} وسكت عن حكم غيرهما فألحق رسول الله صلى الله عليه وسلم من سكت عن حكمه القرآن وأبان حكمه بقوله(يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)فشمل الخمس.
من الرضاعة المسكوت عن حكمهن في القرآن وهن البنات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت اللاتي من الرضاعة فحّرم من الرضاعة سبعاً أيضاً اثنتان بالنص القرآني وخمسٌ بالحديث النبوي فكان جميع ما حرم من النسب والرضاعة أربعة عشر امرأة وفـي صـحـيـح البـخاري أنه قال ابن عباس رضي الله عنهما حرم من النسب سبع و من الصهر سبع ثم قراء حرمت عليكم أمهاتكم ...الآية انتهى وأقول في كلامه بحث من وجهين.
الوجه الأول أنه قال سبع من الصهر وليس في الآية إلا خمس محرمات من الصهر وهنا منكوحة الأب المشار إليها بقوله في الآية{وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} ومع أن هذه في الآية وليس في الآية التي تلاها إلا أربع من الصهر أم الزوجة التي في قوله تعالى{َأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ }
والربيبة التي في الحجر من الزوجة المدخول بها وحليلة ابن الصلب لا ابن المتبنى وأخت الزوجة المرادة من قوله {وَأَنَ تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ}.
الوجه الثاني أن ابن عباس لم يشر إلا إلى جهتين من جهات التحريم هما النسب والصهارة وفي الآية ثلاث جهات ثالثها الرضاعة وذكر الله تعالى من المحرمات بها اثنتين في الآية أمهات الناكح من الرضاعة وأخواته منها وبذكر هما اشتملت الآية على أربع عشرة من المحرمات اثنتان من الرضاعة وخمس من الصهارة وسبع من النسب وأشارت الآية إلى الثلاث الجهات ثم ألحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) خمس من الرضاعة فهؤلاء الأربع عشرة المحرمات من النسب والرضاعة صرح الكتاب منهن بتسع سبع من النسب واثنتان من الرضاعة وألحقت السنة خمساً من الرضاع بالنسب فهذه جملة من حُرم بالجهتين جهة النسب وجهة الرضاع.
وأما الجهة الثالثة وهي جهة الصهارة فقد عرفت أنه حرم بها في الآية خمس ثم ألحق صلى الله عليه وسلم بأخت الزوجة عمة الزوجة وخالتها من النسب بقوله في حديث أبي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو المرأة على خالتها أو العمة على بنت أخيها أو الخالة على بنت أختها لا الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى ) أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي وإن اختلفت ألفاظهم بعض اختلاف فقد اتفقت على المعنى وسار المحرم بجهة الصهارة سبعاً أيضا خمس بالنص القرآني واثنتان بالسنة فكان جميع المحرمات بالجهات الثلاث إحدى وعشرين امرأة بكل جهة سبع فسبع النسب بالنص القرآني وسبع الرضاع به اثنتان وخمس بالسنة وسبع الصهارة بالقرآن خمس وبالسنة اثنتان.
إذا عرفت هذا عرفت أنه صلى الله عليه وسلم لم يلحق بالصهارة إلا العمة والخالة والمراد بهما في النسب أي عمة الزوجة وخالتها من نسبها وذلك انه إذا أطلق في الكتاب والسنة لفظ الأم أو الأخت أو الخالة أو العمة أو نـحو ذلك إنما يراد به من النسب ولا يدخل فيه من كان كذلك من الرضاع أو الصهارة ألا ترى أنه لما قال تعالى{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ } لم يدخل في ذلك من كان الأم والأخت من الرضاعة كما يدل له أمران من الكتاب والسنة فمن الكتاب قوله {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ } فإنه لو كان قد شملها لفظ الأمهات والأخوات المذكورين أولا لما عطف عليه ولا ذكر أو كان تكرير يصان عنه كلام الله ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)فإنه ألـحق به حكم الخمس المسكوت عنها في الآية من الرضاع بالخمس المنصوص على حكمهن فيها ولو كان النص القرآني شاملا للمرضعات لكان الـحديث عديـم الإفادة ومن هنا قلنا أن القيد في قوله {مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } لإخراج ابن التبني دون ابن الرضاع وأن توهم قوم أنه لإخراجه فإنه لم يشمله لفظ ( أبنائكم ) بخلاف ابن التبني فإنه كان أمراً معرفاً في العرب ينسب ابن التبني إلى من تبناه ويدعى بأنه ابنه وهو أبوه وقد كان ذلك أيضا في صدر الإسلام فإن النبي صلى الله عليه وسلم تبنى زيد بن حارثه بمكة وكان يدعى زيد بن محمد حتى أنزل بالمدينة {ادْعُوهُمْ لآَبائِهِمْ} فدعي زيد بن حارثة كذلك سالم مولى أبي حذيفة تبناه وكان ينسب إليه فإذا أحطت بما ذكرنها علماً علمت أن خالة الزوجة وعمتها من الرضاع لم يشملهما تحريم الجمع بينهما وبين الزوجة التي هي أختهما أو بنت أخيهما من الرضاعة شيء من أدلة التحريم إذ المنصوص عليه في الكتاب العزيز تحريم الجمع بين الزوجة وأختها وألحق الشارع صلى الله عليه وسلم تحريمه بينها وبين عمتها أو خالتها بأختها وكل هذا المراد به نسبها لما قررناه قريباً من عدم صدق ألفاظ قرابات النسب على قرائب الرضاع والصهارة لغة وشرعاً لم يأت لفظ نبوي أنه يحرم من الصهارة ما يحرم من النسب كما ورد في الرضاع حتى يلحق به من لم ينص عليه كعمة الزوجة وخالتها من الرضاع بعمتها وخالتها من النسب في تحريم الجمع الذي ورد في النص النبوي في عمة النسب وخالته ولما لم يأتي دليل على ذلك والأصل هو الحل فلا يحرم الجمع بين المرأة وخالتها ولا بينها وبين عمتها ولا بينهما معا وبينها بل لا يحرم الجمع بين الزوجة وأختها من الرضاعة لأنه قال تعالى { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ }والمراد بهما من النسب قطعاً ولم يأتي نص بإلحاق أخت الرضاعة بأخت النسب ولا يتوهم متوهم أن قوله تعالى {وَأَخَوَاتُكُم مِنَ الرَّضَاعَةِ} يدخل تحت أخت الزوجة من الرضاعة فإن الآية في تحريم أخت الناكح من الرضاعة والبحث في تحريم أخت الزوجة وأين أحدهما من الآخر وبهذا عرفت ضعف كلام الجمهور وإنه لا ينهض على ما قالوه دليل من كتاب ولا سنة واستدلالهم على ذلك بحديث ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)) ولم يشمله الحديث قطعاً فإنه في إلحاق الرضاعة بالنسب لا بالصهارة فالتحريم بالصهارة لم يأت إلا في أخت النسب في القرآن وألحقت السنة بها عمة الزوجة وخالتها مــن النسب ولم يلحقهما بها من الرضاعة كما قررناه وكـررنــا.
واعلم أنه بقي من المحرمات في آية النساء من حرمت لا بنسب ولا رضاع ولا صهارة وهي المرأة التي تحت زوج وإليها أشار قوله{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء } فهذه محرمة غير إحدى تلك الجهات بل من جهة أن يضعها مستحق للغير فهذه امرأة محرمة وهي في الآية الخامسة عشر مما عد فيها واعلم أن المحرمات من النسب والرضاعة وهي الأربع عشر محرمات على التأبيد والسبع المحرمات من الصهارة يحرم منهن على التأبيد أم الزوجة المدخول بها وبنتها التي في حجر الزوجة وحليلة ابن الصلب ومنكوحة الأب ويحرم تحريماً عارضاً أخت الزوجة وعمتها وخالتها فإنهن يحرمن ما دامت تحته هذه الزوجة فلو فارقها حل له نكاح واحدة منهن وبهذا التقرير حصل الجواب عن السؤال بزيادة فوائد يشد لطلبها ذو الهمة في العلوم والرحال والحمد لله رب العالمين أولا و آخرا ونسأله إن يأخذ بنواصينا إلى الحق عملا ونظراً وأن يصلي ويسلم على رسوله المختار وعلى آله الأئمة الأطهار أمين اللهم أمين.
إن الحمد لله نـحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} ..
أما بعد : فإن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد e وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وبعد هذا جواب من الأمام المجتهد الفقيه/محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني رحمه الله على سؤال ورد إليه والسؤال واضح من الإجابة أن السائل يسأل عن اجتهاد ورأيه في مسألة الجمع بين الزوجة وخالتها وعمتها من الرضاع لتحريم الجمع بينهما في النسب لأن السائل كما زعم أنه عرف المذهب وما عليه الجمهور .وقد حصلنا على هذه الإجابة من مخطوطات مكتبة الجامع الكبير ضمن مجاميع رقم (1) وكان ذلك يوم الأربعاء 18/6/1409هـ فقرأتها فوجدتها مخالفة لما عليه الجمهور والدليل فكتبت عليها تعليقا بما يسر الله حسب الدليل واثبت ما رأيته حقا في هذه المسألة حسب الدليل.
أقول وبالله التوفيق ما ذهب إليه الجمهور من تحريم الجمع بين الزوجة وعمتها وخالتها من الرضاع وتحريم الجمع بينهما من النسب هو القول الصحيح الذي عليه الأدلة السمعية والعقلية.
وقد ذهب إلى حل الجمع من الرضاع قبل المؤلف شيخ الإسلام ابن تيمية ونقله عنه تلميذه ابن القيم في زاد المعاد 5/495 وما بعدها ونقل عنهم ذلك الشوكاني في نيل الأوطار 12/638 بتحقيق محمد صبحي حسن حلاق قال رحمه الله وقد ذهب الأئمة الأربعة إلى أنه يحرم نظير المصاهرة بالرضاع فتحرم عليه أم امرأته من الرضاعة وامرأة أبيه من الرضاعة.
ويحرم الجمع بين الأختين من الرضاعة وبين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها من الرضاعة وقد نازعهم في ذلك ابن تيمية كما حكاه صاحب الهدي ا.ه
الأًصل في هذا قوله تعالى في سور النساء محدداً المحرمات من النساء قال تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً*حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً*وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }
ففي هذه الآيات يبين سبحانه وتعالى المحرمات من النساء بالتفصيل وجاءت السنة النبوية فبينت ووضـحت وأتـمت هــؤلاء الـمحرمات من النساء.
فمن هذه الآيات يعرف جهات التحريم أربع جهات عند البسط والتفصيل وليست ثلاث كما ذكر المؤلف رحمه الله وهي:ـ
1- النسب 2- الرضاع 3- الصهار 4- الجمع
وهذا بيان الأدلة على هذه الجهات.
1-الجهة الأولى النسب:ـ
قال تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْت}الآية وهذا التحريم تحريم مؤبد لأن الآية أطلقت ولم تقيد فعُلم أن ذلك من النسب.
2- الجهة الثانية الرضاع:ـ
قال تعالى{ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم
مِّنَ الرَّضَاعَةِ }فدلت الآية على جهة الرضاع وهن اثنتان في الآية الكريمة الأم من الرضاع والأخت من الرضاع.
وحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي e قال( يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة) أخرجه البخاري ومسلم ولمسلم في لفظ من(النسب)ففي هذا الحديث أضاف خمسٌ من المحرمات بالرضاع إلى ما سبق في الآية فأصبحت المحرمات من الرضاع سبع كما في النسب.
3- الجهة الثالثة الصهار:ـ
قال تعالى{وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} وقوله { وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ }فبين سبحانه وتعالى المحرمات من جهة الصهارة وهن الأربع فقط لا غير تحريماً مؤبداً لا كما ذكر المؤلف رحمه الله إنهن سبع وإنما أدخل معهن رحمه الله المحرمات بالجمع وهؤلاء لهن جهة ثانية وهي جهة كما ذكرت في الآية من طريق الجمع.
4- الجهة الرابعة جهة الجمع:ـ
قال تعالى {وأن تجمعوا بين الأختين ...............}ولما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( لا تنكحوا المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها فإن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم )) .
فدلالة الآية والحديث أن اللاتي يحرم الجمع بينهنَّ ثلاثٌ فقط لا غيرهن وهن الأختان والبنت وعمتها والبنت وخالتها وحديث ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )) أضاف ما يقابله من الرضاع وهؤلاء المحرمات تحريـمهن ليس مؤبدا وإنما هو مؤقت بوقت أما طلاق أحداهن أو موتها فيجوز له الزواج من الأخـرى سواء أختها أو عمـتها أو خالتها.
وليعلم أن الالـــتزام بالألفاظ القرآنية والنبوية هو الـمتعين والـمشروع
وبهذا التفصيل والتوضيح علم أن الجهات أربع وليس ثلاث جهات كما ذكر المؤلف رحمه الله.
ملاحظة /
ليعلم أن هناك من تحرم على الأبد بسبب اللعان وهي المرأة التي اتهمها زوجها بالزنا ولم يكن عنده بينه وتم اللعان بينهما بالصفة الشرعية وتم التفريق بينهما بحرمة أبدية.
هناك من تحرم بصفة مؤقتة غير ما ذكر لا على سبيل الحصر :
1-من لها تعلق بالغير . 2- المرأة الكافرة. 3- المطلقة ثلاثاً على مطلقها حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة. 4- المرأة المحرمة بحج أو عمرة.
والله أعلم
وهاك التفصيل لما سبق وأجمل من الجهات :-
الجهة الأولى:ـ النسب: النسب هو القرابة وهي لفظة تشمل كلَّ مَنْ بينك وبينه قرابة قربت أو بعدت كانت من جهة الأب أو من جهة الأم.
وعدد المحرمات من جهة النسب سبعاً.
1- الأم/ وهي كل أنثى لها عليك ولادة من جهة الأم أو من جهة الأب.
1- الأم – أم الأم ................................... وإن علون.
2- أم الأب - أم أم الأب ................. وإن علون.
2- البنت/ وهي كل أنثى لك عليها ولادة من قبل الابن أو من قبل البنت.
1- البنت – بنت البنت – بنت بنت البنت - بنت ابن البنت .............وإن نزلن.
2- بنت الابن - بنت بنت الابن -بنت ابن الابن.............................................................وإن نزلن.
3- الأخت/ وهي كل أنثى شاركتك في أحد أصلابك أو مجموعهما.
الأخت الشقيقة – الأخت لأب – الأخت لأم .
4- العمة/ وهي كل أنثى أختاً لأبيك أو لأي ذكر له عليك ولادة.
أخت الأب شقيقة أو لأب أو لأم - أخت أب الأب.................................وإن علون.
5- الخالة/ وهي كل أخت لأمك أو أخت لأي أنثى لها عليك ولادة.
أخت الأم شقيقة أو لأب أو لأم – أخت أم الأم..................................وأن علون.
6-بنات الأخ/ هي كل أنثى لأخيك عليها ولادة من قبل أمها أو من قبل أبيها.
بنت الأخ – بنت بنت الأخ –بنت أبن الأخ .........................وهكذا.
7-بنات الأخت/ هي كل أنثى لأختك عليها ولادة مباشرة من قبل أمها أو من قبل أبيها.
بنت الأخت – بنت بنت الأخت- بنت ابن الأخت وهكذا.
والأصل في هؤلاء السبع الآية الكريمة في سورة النساء {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ...............}الآية.
الجهة الثانية:ــ الرضاع/ والرضاع المحرم هو شرب اللبن من الثدي وشربه بشرطين
1- أن يكون قبل استكمال الراضع حولين لقوله تعالى{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } فدلت الآية على أن الرضاع المعتبر في الحولين. ولقوله صلى الله عليه وسلم ))لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام ))أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية لأبي داود (إلا ما نشز العظم وأنبت اللحم ) وفي الصحيحين ((إن الرضاعة من المجاعة)) أي الواقعة في زمن الإرضاع.
2- أن يكون خمس رضعات معلومات فأكثر وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخ من ذلك خمس رضعات وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك)) رواه مسلم .
فمن يحرمن بالرضاع سبع وهن مقابل من يحرمن من النسب.
1- الأم من الرضاعة. 2- البنت من الرضاعة. 3-الأخت من الرضاعة. 4-العمة من الرضاعة. 5- الخالة من الرضاعة. 6- بنات الأخ من الرضاعة. 7- بنات الأخت من الرضاعة.
واعلم أن المتأثر بالرضاع هو الذي يشرب اللبن دون غيره من أصوله وحواشيه فلا قرابة بينهم وبن المرضع.
والأصل في هؤلاء المحرمات من الرضاع قوله تعالى{ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ.....الآية }وقوله e((يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة)) متفق عليه وفي لفظ من (النسب).
ومن هذه الأدلة يتبين أن كل مَنْ يحرم من النسب يحرم أيضا من الرضاعة فافهم هذا لأنه هو المخرج والبيان الواضح من التداخل في الجهات التي دلت عليها أية النساء {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ.........الآية} فهذه هي القاعدة والأساس وتطبق على جميع الجهات.
واعلم أن الجهات للتفريق فقط بين المحرمات سواء من النسب أو الرضاعة أو الصهار أو الجمع.
وحديث الرسول e عام في جميع الجهات فكل ما يحرم من النسب حرم من الرضاع وكل ما حرم الجمع بينهما من نسب حرم الجمع بينهما من الرضاع.
الجهة الثالثة:ـ الصهارـ وسبب التحريم في هذا هو علاقة الزواج التي نشأت بين الرجل والمرأة وبسبب ذلك يحرم الزواج بين الرجل وبين أصول المرأة وفروعها ويحرم على المرأة الزواج من أصول الرجل وفروعه وهي حرمة
مؤبدة حسب القاعدة (العقد على البنات يحرم الأمهات
والدخول بالأمهات يحرم البنات).
والمحرمات بالصهار حرمة مؤبدة أربع وما عدا ذلك فهو حلال.
والأصل في هذا قوله تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً} وقوله تعالى {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ..........}
ومن هذه الآيات أن المحرم من الصهار أربع.
1-زوجات الأصول: وهن زوجات الأب – وأب الأب – أب الأم – أب أم الأم. وأن علون سواء كان من جهة الأب أو من جهة الأم
2- زوجات الفروع : وهن زوجات الابن -وابن الابن -وابن البنت. وأن نزلن سواء من قبل الابن أو البنت وسواء كان الفرع من أولاد الصهر أبن الابن – ابن ابن الابن أو من أولاد البطون وهم أولاد البنات أبن البنت – ابن بنت الابن وهكذا
3- أصول الزوجة: وهن أم الزوجة وجدتها سواء من أمها أو أبيها. أم الأم . أم الأب... وإن علون.
4- فروع الزوجة: وهن بنات الزوجة وبنات بناتها وبنات أبنائها وما تناسلا منهما مهما نزل.
ولهذا التحديد قاعدة كما سبق (( العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات ))
الجهة الرابعة: جهة الجمع :ـوالأصل في هذا قوله
تعالى {............وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ
إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }.
وحديث ((لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها
ولا على أبنت أخيها ولا على أبنت أختها فإن فعلتم ذلك
قطعتم أرحامكم )) أخرجه مسلم.
فمن الآية والحديث يحصل المحرم بالجمع ثلاث:ـ
1- الأختين. 2- البنت وعمتها. 3- البنت وخالتها.
وهذا الجمع بسبب النسب بينهما وليس للزوج دخل في ذلك لأن الزوج يجوز له أن يتزوج الأخرى إذا ماتت الأولى أو طلقها و انتهت عدتها
فالتحريم هنا مؤقت بالفراق إما بالموت أو بالطلاق وليس
التحريم هنا بسب الصهار فليعلم هذا .
وينضاف إلى هذا كل جمع حرم بسبب النسب حرم بسب الرضاع لحديث ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)) .
وهذا ما أردت بيانه وتوضيحه لان المخرج هو الالتزام بالألفاظ القرآنية والنبوية وهو المتعين شرعاً والله أعلم بالصواب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .