بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
اعلم يا بني : أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ورزقهم ولم يتركهم سدى وهملا بل أرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين فمن أطاعهم دخل الجنة ومن عصاهم دخل النار ، قال تعالى: ( إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا * فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ....) الآية . يعني شديداً ، وقال صلى الله عليه وسلم :( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى !! قالوا ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - ، فهؤلاء الرسل الذين أرسلهم الله ليدلوا الخلق إلى عبادة الله وحده ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ...) الآية .
فيجب علينا أن نطيع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الوحي والوحي الذي جاء به هو الكتاب والسنة لفظه ومعناه من الله وتعبدنا بتلاوته ولا تصح الصلاة إلا به وهو القرآن الكريم ودلنا بواجبنا نحوه قراءته وحفظه وتدبره لمعرفة معانيه والعمل به ( كتاب أنزلنا إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) فلا بد مع القراءة والحفظ معرفة المعاني والعمل بما فيه ، والوحي الثاني وهو ما يكون اللفظ والمعنى من الله وهو ما يسمى بالحديث القدسي وما كان المعنى من الله واللفظ من الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحديث النبوي الشريف وهو الأقوال والأفعال والتقرير منه صلى الله عليه وسلم ، والكل وحي ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) .
إذا تقرر هذا يا بني فاعلم أنه لا جماعات ولا أحزاب بل هي جماعة واحدة ودين واحد وعبادة واحدة وهي ما كانت على ما هو عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما بينه عليه الصلاة والسلام : ( وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال " من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي " ، ونهى الله سبحانه عن التفرق والتحزب قال تعالى ( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ) ، فكل جماعة فارقت الجماعة التي على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهي من الفرق التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالإخوان والتبليغ ليست على المنهج المحمدي بل هما من الفرق ، كل فرقة بحسبها مما عندها من المخالفات وهي من الثلاث والسبعين فرقة التي بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنها تستوجب دخول النار كل على قدر المخالفة إن كانت المخالفة مكفرة وتؤدي إلى الخروج من الدين فهي خالدة مخلدة في النار ومن كان أقل من ذلك مما هي معاصي إن مات صاحبها على غير توبة فهو راجع إلى مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه بقدر ما معه من مخالفة ومعاصي ، ففي هذا التقرير إن معتنق هذه الجماعات على خطر عظيم نسأل الله السلامة والعافية وقد ذم السلف التحزب والبدع فهذا عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – يقول اتبعوا ولا تبتدعوا ، ويقول رضي الله عنه عندما أتى على من في المسجد وقد تحلقوا يسبحون بالحصى قال : كم مريد للخير لم يصبه . وقالت إحدى أمهات المؤمنين عندما حصل ما حصل في خطبة عثمان رضي الله عنه ذات يوم فقالت : قد برئ الرسول صلى الله عليه وسلم ممن فرق دينه واحتزب وتلت " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء ..." .
وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول " يا معشر القراء استقيموا لئن استقمتم فقد سبقتم سبقاً بعيدً ولئن أخذتم يميناً وشمالاً فقد ضللتم ضلالاً بعيداً " وفي هذا الباب من أقوال السلف كثير في ذم البدعة والحث على الالتزام بالصراط المستقيم قال تعالى : " وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله .." وللحزبية مضار دينه ودنيوية نسأل الله السلامة والهداية .
أما استفسارك عن جماعتي الإخوان والتبليغ وما تسمع به فإن جماعة الإخوان المؤسس الأول لها هو حسن البنا الذي ولد عام 1904م بمصر وقد نشأ نشأة صوفية وأخذ الطريقة الحصافية الشاذلية كما بين ذلك هو عن نفسه في كتابه مذكرات الدعوة والداعية ، وذكر عنه ذلك أيضاً جابر رزق في كتابه – حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه - ، ومن أشعارهم الصوفية وأذكارهم وخلواتهم ما فيه وحدة الوجود وبدع الاحتفال بالمولد وزعمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحضر احتفالاتهم ، بل من الشرك الأكبر قولهم أن الرسول يسامح الكل فيما قد مضى وجرى ومن ذلك قولهم :
صلى الإله على النور الذي حضرا للعالمين ففاق الشمس والقمرا
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامع الكل فيما قد مضى وجرى
وهذا شرك أكبر والله سبحانه وتعالى يقول : ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ..) وكذلك قولهم :
الله قل وذر الوجود وما حوى إن كنت مرتاداً بلوغ كمالي
فالكل دون الله إن حققته عدم على التفصيل والإجمالي
هذه وحدة الوجود ظاهرة وبينه في كلامهم لمن أراد الحق والطريق المستقيم .
هذا هو مؤسس الجماعة وهذه سيرته وخلوته التي يخلو بنفسه عند القبور والذهاب إليها مشياً على الأقدام ، نسأل الله السلامة والهداية .
ابني العزيز!! هذه هي الجماعة وهذا هو مؤسسها يؤسسها على الشرك وعدم الاهتمام بالتوحيد ودعواتهم سياسية لإقامة الدولة المسلمة والخلافة الإسلامية زعموا ، والتزهيد في العلم والتكفير الجماعي ، ولهذا تفرقت الإخوان ثلاث فرق بنائية وقطبية وسرورية أتباع محمد سرور وكل تلك الفرق تسير على منهج المؤسس الأول حسن البنا على الشرك والصوفية والبدع والخرافات والقدح في الحكام وإقامة الدولة الإسلامية زعموا والتربية على الأناشيد والتمثيليات والكذب فالله المستعان .
أما مناهجهم فهم لهم عناية عجيبة بالرحلات والزيارات والمخيمات والخرجات والمراكز الصيفية والقصص الموضوعة هذه وسائل الدعوة عندهم فأين الكتاب والسنة وأين العلم ؟ هذا لا يوجد عندهم ، ويهتمون أيضاً بالمظاهر والألفاظ التي توهم القارئ والسامع أن وراءها علماً وليس وراءها إلا الضياع والبعد عن دين الله القويم وصراطه المستقيم كقولهم قضايا الأمة الكبرى ، أولويات العمل الإسلامي ، من يحمل هم الإسلام ، فقه الواقع ، العمل الحركي ، الأمة الغائبة ، تحرير الأرض أم تحرير الإنسان ، الغزو الفكري ، الأمة الغائبة .... .
ومن مناهجهم التي يجب أن تفهم السرية في العمل والتنظيم فهم يظهرون للعلماء والحكام والعامة خلاف ما يبطنون لأن التقية شعارهم ففي محاضراتهم يمدحون العلماء البارزين بأنهم أهل اللين والتيسير ولهذا رفعوا شعارات ( فقه التيسير ) افعل ولا حرج ، وأنهم هم الذين يفقهون الواقع وأما البقية فهم علماء الحيض والنفاس وعلماء السلاطين ومداهنة الحكام وإصدار الفتاوى الخاصة بهم بما يوافق آرائهم واحتياجاتهم ، ومن مناهجهم التزهيد في العلم فإذا حفظ الطالب القرآن مثلا وأراد أن يتعلم ويذهب إلى العلماء قالوا له راجع مرة وراجع مرتين ثم بعد ذلك يقومون بتشييخه وفتح حلقة له وجعله أمير على ذلك وإشغاله بالرحلات والمراكز وخاصة الرحلات البرية والخلوية وتدريبه على الحراسة الليلية والاغتيالات والهجوم وحرب المدن خاصة في المخيمات الصيفية كما عرفنا ذلك من بعض من اعتنق ذلك المنهج وذلك التنظيم ، وممن انخرط في تلك المراكز يقص أحدهم يقول مما علمونا ذات يوم في المركز الإنزال في حرب المدن ربطوا حبل في أحد الأعمدة بالدور الثاني ثم قاموا بإنزالنا بذلك الحبل ثم الهجوم داخل الفصول وأخذ منهم أسراء هكذا يربون الشباب ويزهدونهم في العلم ويجعلونهم أمراء على جماعات وهكذا .
وأما جماعة التبليغ فإن مؤسسها محمد إلياس الكاندهلوي المولود عام 1302هـ وهو صوفي قبوري أخذا الطرق الأربع النقشبندية والسهروردية والجشتية والقادرية وكان يخلو عند قبور المشايخ وكانت تسيطر عليه وحدة الوجود يعني أنه لا موجود إلا الله وهذا معنى لا إله إلا الله عندهم أيضاً إخراج اليقين الفاسد من القلب وإدخال اليقين الصحيح على ذات الله وهذا - هو وحدة الوجود عندهم – يعني أن الرب " تعين بذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله في صور مادية أو ذهنية فكان حيواناً وإنسانا وجناً وأصناماً وأوثاناً ، وكان هماً وظناً وخيالاَوكانت أسماؤه وصفاته وأفعاله عين ما لتلك الأشياء من صفات وأسماء وأفعال لأنها هي هو ماهيته ووجوده المطلق أو المقيد وكلما يقترفه البغاة من خطايا وما تنهشه الضاريات من لحوم أوتعرق من عظام فهو فعل الرب الصوفي وخطيئته وجرمه . أ هـ .وهذا قول ابن الفارض – من كتاب "هذه هي الصوفية لعبد الرحمن الوكيل رحمه الله " .
ثم اعلم أن كبار أهل التبليغ يرابطون على القبور وينتظرون الكشف والكرامات والفيوض الروحية من أهل القبور وذكر أنهم يقرون بمسألة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة الأولياء حياة دنيوية لا حياة برزخية كعادة القبوريين ذكر ذلك عنهم الأستاذ سيف الرحمن في كتابه المسمى " نظرة عابرة اعتبارية عن الجماعة التبليغية " وقد ذكر من أورادهم المخالفة على طرقهم الصوفية الأربع الشيخ حمود التويجري رحمه الله في كتابه " القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ "وهذه الجماعة لا تهتم بتوحيد الألوهية وجل أعمالهم ومحاضراتهم ودروسهم تدور حول توحيد الربوبية وهذا التوحيد لا يدخل أحد في الاسلام كما لم يدخل مشركي العرب فيه ، قال تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض أم يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون ) ،كما أنهم يبغضون دعاة التوحيد ويسمونهم وهابية ولا يرضون لأحد أن يتكلم عن الشرك ولا يستمعون للمحاضرات التي تبين التوحيد وتحذر من الشرك ويتركون صاحب المحاضرة ويخرجون عند سماع التوحيد . كذلك من مناهجهم اعتقادهم في المنامات والحكايات والخرافات ويضللون على معتنق هذا المنهج بهذه الخرافات والترهات حتى يدخل معهم ويخرج معهم في سبيل الدعوة ثلاثة أيام أو عشرة أو أربعين أو أربعة أشهر وهكذا . كما يمنعون أتباعهم عن البحث وطلب الحق من عند غيرهم وهذا يزهدهم في العلماء وطلاب العلم الذين يسيرون على المنهج الحق .
هذه نبذة عن تلك الفرقتين السائرتين على منهج رديء وطريق ضلالة فلا تسر مع أحد منهم والزم المنهج الحق منهج الرسول عليه الصلاة والسلام " ما أنا عليه وأصحابي " . واجلس إلى العلماء السلفيين المبلغين دين الله والمنهج السليم الذي يدعو إلى التوحيد وبيان الشرك والبدع ولا تغتر بكثرة أهل البدع والأحزاب والتحزب ( فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ....) ، نسأل الله السلامة والتوفيق والعون .
كتبه
إبراهيم بن أحمد ظفراني