دفع الشبهه الحزبية عن اللحية الشرعية

مقالة بعنوان: دفع الشبهه الحزبية عن اللحية الشرعية
285

دفع الشبهه الحزبية عن اللحية الشرعية

مشاركة عبر واتس آب مشاركة عبر تيليجرام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

دفع الشبهه الحزبية عن اللحية الشرعية

 

في قضية حلق اللحية وتركها يرى البعض أنه يذكي روح الفرقة والتقسيم لعباد الله بين طائع وفاسق دون أسس وضوابط وأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يحث على مخالفة اليهود والنصارى وعلمائهم يطلقون لحاهم وهي علم ديني لديهم ؟ فهل نحلقها نحن مخالفة لهم ؟! وما رأيكم في هذا الموضوع ؟

الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد :

اعلم – رحمنا الله وإياك – أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بهذا الدين وهو خاتم الأنبياء والرسل ، ونسخ بما أرسل به جميع الأديان وجعله كاملاً ولن يقبل من أحد دينا سواه ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .....) ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ...........) وأمرنا بإتباعه والاعتصام بملته والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلــــم

( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ) .

فالتمسك بهذا الدين هو سبب الاجتماع والتآلف والتحابب ، ولا يكون الالتزام بالوحي – القرآن والسنة -  اللذين اهتدى بهما صلى الله عليه وسلم " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي ...... " - والسير عليهما سبب للافتراق والعداوة والبغضاء وإنما الحياد عنهما والانزلاق في وحل الحزبية والابتعاد عنهما وإبعاد الشباب عن العلماء السلفيين الذين يدعون إلى الكتاب والسنة بما فهمه  السلف الصالح . ولقد حث القرآن على الإتباع والاقتداء ، قال تعالى : " واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ...." وقال تعالى : " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصالكم به لعلكم تتقون " وقال تعالى : " فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب " وقال تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " ، فالآيات في هذا المعنى كثيرة وكذلك الأحاديث في هذا الباب كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قيل : يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى "وقد أورد الإمام البخاري في صحيحه كتابا أسماه الاعتصام بالكتاب والسنة .

ثم اعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق في أحسن صورة وهيئة قال تعالى : " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم .." قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره : هذا هو المقسم عليه وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل منتصب القامة سوي الأعضاء حسنها أ .هـ قلت : يعنى أن الرجل خلق الله له لحية وجعل صورته بها حسنة جميلة ونهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن مشابهة اليهود والنصارى في تغيير تلك الخلقة بل رتب على ذلك لعنة الله لمن غير خلق الله الجميل بدعوى الحسن قال صلى الله عليه وسلم : لعن الله النامصة والمتنمصة والفالجة والمتفلجة والواصلة والمستوصلة ...وقال في أخر الحديث المغيرات خلق الله للحسن " . فهذه أمثلة ضربها الرسول صلى الله عليه وسلم للتغيير وهو اعتداء على خلق الله الجميل ، ثم ذكر العلة في هذا التغيير وهو دعوى الحسن إذن فكل تغيير لخلق الله بدعوى الحسن فهو داخل في هذه اللعنة . ثم اعلم أن الذي يحلق لحيته وإنما يقصد من وراء ذلك الحسن والجمال – زعم –  أنه بهذا العمل يصير معارضاً لخلق الله تعالى له في أحسن صورة وأنه أراد أن يحسن صورته التي خلقه الله عليها هذا فعل خطير يؤدي إلى شيء أخطر – نسأل الله العافية والسلامة - ، وإنما الحسن والجمال في بقائها طاعةً لله وامتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتركها وعدم التعرض لها وإرخائها وإسدالها.

أما ترك اليهود والنصارى لها إنما هو على الأصل لأن الله خلق الإنسان له لحية وإنما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن مشابهتهم لأنهم يحلقونها وينقلون عن  الأصل ، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة اصحاب الحجيم– ص/ 262- 263: " ... والكلام إنما هو في أنا منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه ، فأما ما كان سلف الأمة عليه ، فلا ريب فيه ، سواء فعلوه أو تركوه ، فإنا لا نترك ما أمر الله به لأجل أن الكفار تفعله ، مع أن الله لم يأمرنا بشيء يوافقونا عليه إلا ولا بد فيه نوع مغايرة يتميز بها دين الله المحكم عما قد نسخ او بدل " أ هـ .

قال العلامة بن عثيمين رحمه الله في تعليقه على الكتاب عند كلام شيخ الاسلام " في هذه المسألة بعض المجاهرين بحلق اللحية يحتج علينا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (خالفوا المشركين أحفوا الشارب ووفروا اللحى ) والآن اليهود توفر اللحى ، فمن باب المخالفة يلزمنا أن نحلق اللحى ، وهذا غلط عظيم ، لأن النهي مقرون بإعفاء اللحية ، فإذا شابهونا هم فلا يجوز أن نرجع عما أُمرنا به من أجل أنهم وافقونا عليه ، مع أن اللحية فيها المخالفة ، وفيها الفطرة ، كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه أنه قال : " عشر من الفطرة ... منها : إعفاء اللحية " ففيها أمران : المخالفة وكونها من الفطرة . أ هـ .

 

وهذه الآن دعوى شيطانية ودعوى حزبية لصرف الشباب عن أهل السنة والجماعة والدعوة السلفية التي هي دعوة لدين الله واعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم ، ولهذا يقول الله تعالى : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً ... " وقال تعالى : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً " وقال تعالى : " فليحذر  الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " . وقد خرج الامام أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه وابن أبي عاصم في السنة عن العرباض بن سارية – رضي الله عنه – قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة دمعت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله: موعظة مودع فما تعهد إلينا فقال :" تركتم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة ضلالة " .

فاحذروا مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم والتزموا ما جاء به من الوحي عن الله سبحانه وتعالى والتزموا الجماعة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة الداعية إلى السلفية لقوله صلى الله عليه وسلم: "... ما أنا عليه وأصحابي ... " .

يسر الله لنا ولكم سبيل الهداية والتوفيق والله أعلم .

 

كتبه 

ابراهيم بن أحمد ظفراني